الصورة الإذاعية

عندما نكتب نصا إذاعيا فإننا نتوجه بالأساس إلى حاسة السمع أي الأذن ، فهي
العضو الذي يستقبل الرسالة الإذاعية ، كما أنها تعتبر عضوا فيزيولوجيا ذا استقبال
محدود لأنها تلتقط الرسائل كلمة تلو كلمة : هذا يعني أنها لا تقوم بنفس الوظيفة
التي تتميز بها العين أثناء استقبال الصور المرئية ، مثلا : الآية الكريمة : الحمد
لله رب العالمين : آية مكونة من أربع كلمات ، تستطيع عين المشاهد أن تستقبل رسم
حروفها دفعة واحدة ، بينما الأذن لا يمكنها ذلك ، بحيث تستقبلها عبارة عن وحدات
مستقلة : الحمد/لله/رب/ العالمين ...وما يأتي بعد كلمة العالمين لا تدركه الأذن
إلا عند سماعه .





قس على ذلك :





عندما تشاهد الصورة بالعين تكون المشاهدة ( مطلقة ) ، أما عندما تسمع
بالوصف فإن الوصف يكون نسبيا ، إذ أن الواصف قد
يكون رأى الصورة أو تخيلها ، أما
الذي يستقبل الوصف فقد لا تصل إلى ذهنه الصورة الموصوفة بشكل ( مطلق ) ودقيق مهما
وصفها الواصف ، أضف إلى ذلك أن الصورة المرئية يدرك شكلها ( المطلق ) دفعة واحدة ،
والصورة الموصوفة أي المسموعة يدرك شكلها النسبي عبر مراحل .





عارض الصورة المرئية أي الصحفي التلفزيوني مهمته سهلة نوعا ما لأنه يجعل
المتلقي يستوعب القسمات والملامح كما هي ، وعارض الصورة الموصوفة / المسموعة أي
الصحفي الإذاعي مهمته صعبة جدا لأنه لا يستطيع أن يجعل المتلقي يستوعب وصف القسمات
والملامح كما هي إلا إذا كان واصفا .





استنتاج :
مهمة الصحفي الإذاعي صعبة للغاية .





هذا لا يعني أن مهمة التلفزيوني سهلة ، ولكن على الإذاعي أن يتوفر على درجة
إضافية من الدقة ، بناء عليه :






على الإذاعي أن يتميز في تحريره
باستعمال الصورة الذهنية وهي رسم ملامح الجمل ليس بالصباغة والفرشاة لكن بمفردات
وأساليب وتعابير وصيغ تجعل خيال المتلقي قادرا على تصوير وتجسيد كل ما هو مادي ،
كما تجعل الإحساس قادرا على إدراك واستيعاب كل ما هو معنوي .






عليه أيضا أن يبحث في قاموسه على
الكلمات التي تصور المواقف والصراعات والأحاسيس ...






هو مطالب كذلك أن يستعمل أساليب
التشبيه والتمثيل والاستعارة... ما لم تكن الغاية
منها أدبية أو جمالية بقدر ما تكون وصفية تصويرية فمثلا عند وصف مشاهد حية
ليس بإمكان الإذاعة أن تظهرها مثل شاشة التلفزة وجب أن يستعمل – إذا أراد أن يصف
مشهدا جماهيريا – كلمات من قبيل : حشد غفير من المواطنين في مسيرة احتجاجية تضامنا
مع سكان قطاع غزة ، طوابير من الناس تنتظر الحافلة ، أسراب من الجراد تغزو شمال
موريطانيا ... وهنا يجب أن ينتبه جيدا حتى لا تأخذه أساليب التصوير إلى المحسنات
البلاغية والبديعية التي قد تعمل على تغيير المعنى الذي يقصد ، لذلك يجب عليه أن
يستخدم الكلمات المحددة للمعنى واستبعاد الكلمات التي تحمل معاني متعددة والسبب أن
المستمع سيكون مضطرا للتوقف والتفكير في المعنى الحقيقي المقصود .
منقول